NEWS

عاصمة اشعاع الشمس
بعد أن وافقت المملكة المتحدة مؤخراً على تدابير جديدة لمعالجة مشكلة غسيل الأموال في جزر فيرجن البريطانية، يكتب ديفيون سميث عن قضايا السرية المالية التي تجعل من الصعب على المراسلين تسليط الضوء على العديد من المسائل
31 Jul 19
Davion Smith

British Virgin Islands (Photo: Wikimedia Commons)

[vc_row][vc_column][vc_column_text]

عاصمة اشعاع الشمس

[/vc_column_text][vc_column_text]

بعد أن وافقت المملكة المتحدة مؤخراً على تدابير جديدة لمعالجة مشكلة غسيل الأموال في جزر فيرجن البريطانية، يكتب ديفيون سميث عن قضايا السرية المالية التي تجعل من الصعب على المراسلين تسليط الضوء على العديد من المسائل

[/vc_column_text][vc_column_text]

إن الغالبية العظمى من السكان في جزر فيرجن البريطانية هم من المغتربين، لذا فإن أوساط الصحفيين في وسائل الإعلام المحلية الرئيسية تخلو تقريبا من السكّان الأصليين لجزر فيرجن البريطانية. هذا يعني أنهم يأتون في الغالب من بلدان لديها قوانين ثابتة تحمي حرية الوصول الى المعلومات، لكنهم مع ذلك يجدون أنفسهم مضطرون للعمل في مكان حيث الوصول إلى المعلومات يظل أمرًا صعبًا. ذلك لأن قوانين حرية المعلومات هذه غير موجودة حاليًا في هذا الإقليم التابع للمملكة المتحدة، على الرغم من وجود العديد من الدعوات لإقرارها وتطبيقها. 

لا يعي أحد الصعوبات المرتبطة بغياب هذه القوانين أكثر من الصحفي الاذاعي زان لويس، الذي يعمل هناك منذ أكثر من ١٨ عامًا. يقول: “ان الحصول على المعلومات كان دائمًا أمرًا صعبًا، لا سيما عندما يكون الأمر متعلّق بالحصول على معلومات من الحكومة. من المعروف أن الحكومة تقوم بحجب بعض المعلومات”.

من أجل الحصول على معلومات حول مسائل الحكم والسجلات العامة يتطلب العرف الثقافي المحلّي عادة من الصحفيين الاتصال بالدوائر الحكومية المسؤولة عن هذا الموضوع. على الصحفي بعدها التحدّث إلى الموظفين الحكوميين الذين غالبا ما يتردّدون في تقديم أي معلومات. ينبع هذا الترّدد من الخوف من نقمة الحكومة، مما قد يعني فقدان وظائفهم. لذلك، لدرء استفسارات الصحفيين، يستخدم الموظفون العموميون أحيانًا عبارة: “لقد تلقينا تعليمات بعدم التحدث إلى وسائل الإعلام”. 

يقول فريمان رودجرز، محرر جريدة “بي.في.آي بيكون” :”قد يتضمن ذلك معلومات ربما تكون معلومات عامة لا يحاول أحد إخفاءها، لكن في ظل عدم وجود نظام واضح وقانون يقول هذه معلومات عامة وهذه معلومات سريّة،  أعتقد أن الموظفين الحكوميين يميلون إلى الحذر وعادة ما يفضلون عدم إعطائك أي معلومات تريد الحصول عليها”.

بطبيعة الحال ليست كل المعلومات هي “غير ضارة”، ولكن بدون حرية المعلومات يصبح من الصعب أن تعرف أين يكمن الفساد.  شهدت هذه الجزر بالفعل فضيحة كبيرة- وإن كانت بعيدة عن سيطرة الحكومة – كانت صعوبة الوصول إلى المعلومات بشأنها أمرًا محوريًا. فهذه الجزر الكاريبية الصغيرة، التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من ثلاثين ألف فقط، كانت في قلب فضيحة الجنّات الضريبية المعروفة باسم “أوراق بنما” في عام ٢٠١٦. وفي الشهر الماضي، أعلن أن الأراضي البريطانية في الخارج، بما فيها جزر فيرجن البريطانية، سوف تضطر إلى الكشف عن هوية مالكي الشركات التي تتخذها كمقر بعد أن وافقت المملكة المتحدة على تدابير جديدة لمعالجة غسيل الأموال والفساد. سوف تجبر هذه الخطوة سلطات هذه الأقاليم على الإعلان عن مالكي جميع الشركات المسجلة هناك بحلول نهاية عام ٢٠٢٠. 

كما كانت هناك حالات شخصية حيث أدى الاتصال بالدوائر الحكومية من أجل الحصول على المعلومات الى رمي المسؤولية دوما على أكتاف شخص آخر. مثلا، في إحدى المرات تم توجيهي للوزير المسؤول عن الموضوع ثم قام الوزير بإعادة توجيهي إلى السكرتير الدائم في الوزارة، الذي وجهني بعد ذلك إلى رئيس قسم فرعي. بعد فترة قصيرة، ودون أن أتمكن من إحراز تقدم كبير تم إعادة توجيهي إلى الوزير نفسه! 

بسبب هذه الطريقة في انجاز الأمور، فإن التحقيق في أعمال الحكومة هنا في جزر فيرجن البريطانية أدّى في بعض الأحيان إلى تغطية صحفية سطحية. فالعمل فيما يمكن وصفه ببيئة إعلامية غير ودية يعني أن صحفيي جزر فيرجن البريطانية يضطّرون الى الاعتماد على معلومات تأتي من المخبرين الذين يصرون في كثير من الأحيان على التحدث دون الكشف عن هويتهم. لقد لفت هذا انتباه رئيس وزراء جزر فيرجن، دانيال أورلاندو سميث، الذي أشار إلى زيادة عدد حالات الإبلاغ عن المخالفات من قبل مخبرين سريين لكنه ادعى أن الإقليم يتمتع “بحرية المعلومات”. في مؤتمر إعلامي في وقت سابق من هذا العام، قال سميث: “حتى لو لم أقم بإتاحة الوثائق للعامة، فإن هذا (الإبلاغ من قبل مخبرين) هو بمثابة حرية الوصول الى المعلومات”.

بالفعل، على الرغم من عدم وجود هذه القوانين الجوهرية، وعلى الرغم من التحديات المرتبطة بذلك، فقد ذكر كل من فريمان ولويس أن سهولة الوصول إلى المعلومات في هذه الجزر قد تحسنت على مر السنين. وأرجعوا هذا التحسن إلى الزيادة في الدعوات الى تشريعات تتعلّق بحرية الوصول الى المعلومات. يقول فريمان الذي هاجر من الولايات المتحدة للعمل في جزر فيرجن البريطانية: “عندما جئت إلى هنا للمرة الأولى منذ ١٢ عامًا، أطلقنا هذه الدعوة مرارا وتكرارا. لفترة من الوقت، بدا الأمر وكأننا كنا الوحيدين الذين نطالب به دون أن يكون هناك من يستمع الينا حقًا، لكن الآن أعتقد أن الناس بدأوا في الاستماع وبدأ الناس في فهم أهمية ذلك وأعتقد أن هذا قد ساعد في جعل الوصول الى المعلومات أكثر سهولة”.

على مر السنين، أتى العديد من الدعوات لتشريع مثل هذه القوانين من قبل مفوض الشكاوى السابق الراحل إلتون جورج والحاكم السابق جون دونكان، من بين آخرين. أخذ حاكم جزر فيرجن البريطانية المعيّن حديثًا جاسبرت أوغستوس على عاتقه مهمة الوصول وتطبيق هذا القانون. أثناء إلقائه خطاب السنوي عندما تقدّم الحكومة جدول أعمالها المقبل لبرلمان جزر فيرجن البريطانية في مارس، تعهد جاسبرت بتقديم مشروع قانون لحرية المعلومات في مجلس النواب في الإقليم قبل نهاية هذا العام. وقال: “سيسمح هذا التشريع بزيادة الشفافية والمساءلة في الشؤون العامة…ويتضمن مشروع القانون توصيات لإنشاء وحدة لحرية المعلومات لتزويد الجمهور بالآلية الإدارية المناسبة لتقديم الطلبات وتلقيها”.

ومع ذلك، لم تكن تلك المرة الأولى التي يتم فيها طرح مثل هذا القانون. وفقًا لمحفوظات صحيفة “بي.في.آي بيكون”، فإن الوعود بتنفيذ هذا القانون يعود تاريخها إلى عام ٢٠٠٤. وذكرت الصحيفة أنه في عام ٢٠٠٤، قدمت لجنة إصلاح القوانين تقريراً إلى حكومة جزر فيرجن البريطانية يوصي بتشريع قانون يضمن حرية المعلومات. منذ ذلك الوقت، جاءت حكومتان مختلفتان الى السلطة، لكن يبدو أن أيا منهما لم يحرز تقدم في هذا الإطار. وبينما لا تزال جزر فيرجن البريطانية متأخرة في تطبيق هذه القوانين، تواجه الحكومة الحالية انتقادات عديدة بشأن عدم الشفافية وغياب المساءلة. ان الكثير من هذه الانتقادات هو مستحقّ، نظرًا لأن الصحافة – والجمهور، لا يستطيعون بعد التدقيق بشكل شامل في اجراءات حكومة جزر فيرجن البريطانية منذ حوالي عقد من الزمن. حتى عام ٢٠١٧، لم تصدر الحكومة أي تقارير عن عمليات تدقيق أو تقارير مالية تعود الى العقد السابق، وهي الآن بصدد إعداد تقارير بأثر رجعي. كما جاءت بعض هذه الانتقادات من داخل إدارة سميث نفسها وتسببت في نشوب خلافات بين أعضاء الحكومة. وفقًا لتقرير عبر شبكة “بي.في.آي نيوز” لشهر مارس ٢٠١٨، ادعى أعضاء في الحكومة أن رئيس وزراء جزر فيرجن البريطانية كان أطلق عددا من الأنشطة في الوزارات والإدارات الحكومية “دون علم وموافقة الوزراء الذين يتحملون المسؤولية الدستورية عن تلك الموضوعات”. كما واجهت الحكومة انتقادات من المعارضة في البرلمان. هذا في حين تطبّق دول الكاريبي الأخرى مثل سانت كيتس ونيفيس وجامايكا وغيانا وترينيداد وتوباغو والجمهورية الدومنيكية بالفعل قوانين حرية المعلومات. مع ما يمكن وصفه بأمثلة صارخة للحكم المشكوك فيه في جزر فيرجن البريطانية، تستمر وتتوسع الدعوات إلى تشريعات جدّية حول حرية المعلومات. هذا بلا شك هو موضع ترحيب بين الصحفيين الذين يشدّدون بأن حرية المعلومات تعزز المساءلة والشفافية والحكم الرشيد.

ديفيون سميث مراسل في “بي.في.آي نيوز” ومقرها جزيرة تورتولا

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]