NEWS

صمت وسائل الإعلام
تستخدم عصابات المخدرات في المكسيك العنف لإسكات الصحفيين المحليين وجعلهم بيادق في حروبهم. يقدم ستيفن وودمان تقارير من الحدود مع تكساس حيث أصبح تويتر المصدر الوحيد للأخبار التي لم يمسه بارونات المخدرات
08 Jan 20

[vc_row][vc_column][vc_column_text]

جندي يتجوّل في شارع في فالّادوليد، المكسيك johrling/Flickr

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row][vc_row][vc_column][vc_column_text]

تستخدم عصابات المخدرات في المكسيك العنف لإسكات الصحفيين المحليين وجعلهم بيادق في حروبهم. يقدم ستيفن وودمان تقارير من الحدود مع تكساس حيث أصبح تويتر المصدر الوحيد للأخبار التي لم يمسه بارونات المخدرات

ستحتفل المكسيك هذا العام مرة أخرى باليوم العالمي لحرية الصحافة في ٣ مايو مع زيادة في عدد الأعمدة المخصصة لقضايا حرية التعبير. لكن لا أحد يتوقع حدوث أي تباطؤ في وتيرة الأزمة الإعلامية التي تجتاح تاماوليباس، “المنطقة الصامتة” سيئة السمعة في البلاد. في هذه الولاية الحدودية المحاذية لتكساس، تتجاهل الصحف نشاط الكارتل المتفشي في المنطقة. بدلاً من ذلك، يلجأ السكان المحليون إلى حسابات تويتر مجهولة الاسم للحصول على تحديثات حول عمليات إطلاق النار وقطع الطرقات. نظرا للتهديدات بارتكاب الجرائم ضد وسائل الإعلام المحلية في جميع أنحاء البلاد، تقدم تاماوليباس رؤية قاتمة عن الكابوس الذي ينتظرنا – حيث يؤدّي العنف والرقابة الذاتية الى ترك المواطنين في الظلام.

في ديسمبر من العام الماضي، تم ترك صندوق يحتوي على رأس وأيادي رجل مجهولة الهوية خارج مكاتب صحيفة إكسبرسو في سيوداد فيكتوريا، عاصمة الولاية. “هناك خوف مستمر “، يقول أحد صحفيي إكسبرسو لـ إندكس أون سنسورشب شريطة عدم الكشف عن هويته. ويضيف: “المجرمون يعرفون من أنت وأين تعيش وعدد أفراد الأسرة لديك. إنهم يعرفون كل شيء”.

بدأ الصمت الإعلامي في الحلول ببطء بعد فبراير ٢٠٠٠ عندما تم اغتيال لويس روبرتو كروز، وهو مراسل لمجلةملتيكوساس في مدينة رينوسا الحدودية. وقد قُتل ١٣ صحفيا آخرين في تاماوليباس منذ ذلك الحين، وفقا لجمعية أرتيكل ١٩ التي تُعنى بحرية الصحافة.

اشتد العنف في عام ٢٠٠٦ عندما فتح المهاجمون النار على مكاتب صحيفة المانيانا، في مدينة نويفو لاريدو، حيث فجروا قنبلة يدوية فيها وتسبّبوا في شلل صحفي يعمل هناك. وصفت لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان الحدث بأنه “الهجوم الأول الذي استُخدمت فيه الأسلحة والمتفجرات ضد وسائل الإعلام في سياق الحرب على الاتجار بالمخدرات”.

يرتبط التعتيم المفروض على وسائل الإعلام في تاماوليباس بالموقع الاستراتيجي للولاية في حرب المخدرات المستمرة في المكسيك. قامت الكارتلات منذ فترة طويلة بتهريب الكوكايين وغيرها من المواد الممنوعة عبر ميناء ألتاميرا على ساحل الخليج. كما تتيح المعابر الحدودية الـ ١٧ مع تكساس الوصول إلى سوق المخدرات غير القانونية في الولايات المتحدة الأمريكية بسهولة.

اشتعلت حروب عدة على النفوذ بين الفصائل الإجرامية المتنافسة منذ أن قطعت لوس زيتاس، وهي مجموعة شبه عسكرية مرتبطة بالكارتل الخليجي، علاقاتها مع حلفائها السابقين قبل حوالي ١٠ سنوات، وأصبحت الصحافة المحلية على الأرجح بيدقاً في أيدي قادة الكارتلات.

يُجبر المجرمون العاملين في مجال الإعلام على الحد من تغطية العنف من أجل ضمان استمرار أنشطتهم غير القانونية دون انقطاع، ولأجل منع الحكومة من نشر قوات إضافية من الشرطة أو الجيش.

لكن الكارتلات ترتكب أحيانا أعمال عنف متعمدة من أجل إجبار الحكومة على الردّ، وهي ممارسة تعرف باسم “التسخين” وذلك لاستهداف فصيل منافس. في مثل هذه الحالات، يطلب عملاء الكارتل من الصحف إرسال المراسلين لتغطية الأخبار عوضا عن تجاهلها.

يقوم الصحفيون الفاسدون المعروفين باسم enlaces أو “حلقات الوصل” بإدارة هذا التدخّل التحريري. يعمل هؤلاء الصحفيون لصالح الكارتلات ويتأكدون من أن تقوم الصحف بنشر تقارير معيّنة وحجب تقارير أخرى. تقول غوادالوبي كوريا، مؤلفة كتاب لوس “زيتاس إنك: الشركات الإجرامية، الطاقة ، والحرب الأهلية في المكسيك”، بأن هذا النظام المعقّد قد ظهر استجابةً لشدة الصراعات بين الكارتلات في تاماوليباس. تقول: “لديك مجموعات ذات عسكرة عالية والحكومة تلاحقهم…هذا يولد حوافزاً للسيطرة على المعلومات كما لو كانت هناك حرباً بين جيوش”.

وتعني القيود المفروضة على الصحافة أن كثيرين يعتمدون على المراسلين المواطنين مثل لوبا إندومابلي (الذئب الذي لا يقهر). تستخدم لوبا تويتر لتقديم أخبار عن حرب المخدرات، وتحميل صور بيانية لمشاهد الجريمة أو مقاطع فيديو لمعارك الأسلحة التي يوّفرها المواطنون القلقون. تقوم بتغريد التحديثات التي تعتقد أنها حقيقية وتحاول التخلص من الشائعات الفارغة أو دعاية الكارتل. وقالت لوبا لـ إندكس إنها كانت مدفوعة بالرغبة في الحفاظ على سلامة المواطنين الملتزمين بالقانون. ومع ذلك، فهي تقبل أن هناك جوانب سلبية كبيرة لصحافة المواطن. تقول: “ليست كل حسابات وسائل التواصل الاجتماعي جديرة بالثقة…هناك حسابات زائفة تدّعي أنها مرتبطة بالجيش. إنها مزيفة، لكن قد ينخدع الآخرون فيها “.

في السنوات الأخيرة ، استهدفت الكارتلات بشكل متزايد المراسلين عبر الإنترنت ، بمن فيهم لوبا. لكن رؤساء الكارتلات ليسوا وحدهم الذين يهددون حرية الصحافة في تاماوليباس. السياسيون مصممون أيضاً على إسكات الأصوات الناقدة لهم.

في يناير من العام الماضي، طعن مهاجمون ملثمون الكاتب السياسي كارلوس دومينغيز وقتلوه في سيارته عندما كان متوقفاً عند إشارات المرور في نويفو لاريدو. يعتقد نجل المراسل الراحل، ويدعى أيضا كارلوس دومينغيز، أن رئيس بلدية نويفو لاريدو السابق كان وراء قتل والده. تم القبض على ستة من المشتبه بهم بارتكاب الجريمة، بمن فيهم ثلاثة صحفيين وابن أخ العمدة السابق.

يقول دومينغيز لـ إندكس أن الكتابة عن السياسيين هي أكثر خطورة على الصحفيين من الكتابة عن مهربي المخدرات، خاصة وأن الخط الفاصل بينهما قد أصبح أقل وضوحا في السنوات الأخيرة. يقول: “”إذا استمروا في استهداف الصحفيين، فسوف ينتهي بنا الأمر بخسارة القدرة على الحصول على أي معلومات غير مريحة للحكومة…لا يمكننا القول إننا نعيش في ديمقراطية عندما تكون حرية التعبير غير مضمونة”.

معلومات جانبية

ليست تاماوليباس الولاية المكسيكية الوحيدة التي تستهدف فيها الكارتلات والسياسيون وسائل الإعلام المحلية. وفقاً لأرتيكل ١٩، فلقد قُتل ١٢٢ صحافيًا في جميع أنحاء البلاد في ظروف متصلّة بعملهم منذ عام ٢٠٠٠. ووقعت ثلاث حالات قتل من بين كل أربع من هذه الجرائم في الحدود الشمالية أو الولايات الجنوبية.

تعاني هذه المناطق من عصابات المخدرات التي تجذبها معابرها الحدودية وموانئها، ومن فساد سياسي واسع النطاق.يتعرض الصحفيون المحليون لخطر خاص في هذه البيئة، حيث أن ٩٥ ٪ من الذين قُتلوا قد تم استهدافهم بسبب عملهم في الصحافة المحلية، وفقا للجنة حماية الصحفيين. بالنظر إلى هذه الظاهرة، هناك خطر حقيقي يتمثل في ظهور عدد أكبر من “المناطق الصامتة” (حيث يسود التعتيم الصحافي) في المكسيك.

وقعت ولاية تشيهواهوا الحدودية تحت الأضواء الدولية في عام ٢٠١٧ عندما أُغلقت أكبر صحيفة يومية هناك، نورت دي سيوداد خواريز، بسبب مخاوف أمنية. عادت الصحيفة ونشرت ١٥ عددا خاصا في العام الماضي لكنها لم تستأنف الاصدار اليومي. في السنوات الأخيرة، ارتفعت وتيرة العنف ضد الصحافة بشكل حاد في مناطق جنوب المكسيك الفقيرة.. في ولاية غيريرو، سعى المجرمون بشكل متزايد للسيطرة على وسائل الإعلام المحلية بعد أن أصبحت المنطقة المورد الرئيسي للهيروين للولايات المتحدة.

ولكن لم يتدهور أيّ مكان آخر أكثر من ولاية فيراكروز الجنوبية الشرقية، التي أصبحت المكان الأكثر دموية في المكسيك فيما يتعلّق بالصحفيين في عام ٢٠١٢. تقع هذه الولاية مباشرة أسفل تاماوليباس على الخريطة، وهي تعاني من نفس مشكلة الكارتيلات التي تعصف بساحل الخليج. لكن العديد من المراسلين في فيراكروز لا يزالون يغطون عمليات إطلاق النار والمجازر، على عكس زملائهم في تاماوليباس.

قالت لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في تقريرها لعام ٢٠١٧: “استطاع قطاع صغير من الصحافة أن يصمد وأن يغطّي هذه الحوادث”. لكن رفض أي نوع من الرقابة له تكلفة كبيرة اذ قُتل ١٧ صحفيا خلال الفترة بين عامي ٢٠١٠ و٢٠١٦، وهو عهد حاكم الولاية السابق خافيير دوارتي ، الذي يقضي الآن عقوبة بالسجن لمدة تسع سنوات بسبب الفساد.

” خلال عهد دوارتي، فإن كتابة التقرير الصحفي قد تعني توقيع مذكّرة الإعدام الخاصة بك”، يقول سانتوس سوليس، المدير العام للصحيفة الرقمية أوي فيراكروز. ويقول سوليس إن “صحافة الخوف” التي تسبّب بها دوارتي استمرت رغم عزله من منصبه. “إذا لم تتصرف الحكومة ، فسوف ينتهي الأم بنا مثل تاماوليباس تماماً” ، يتنبأ سوليس.

[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row][vc_row][vc_column][vc_column_text]ستيفن وودمان هو محرر مساهم في المكسيك لصالح إندكس أون سنسورشب، ومقره في غوادالاخارا[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]